Monday, June 24, 2013

المستشار فؤاد راشد يكتب : طريقي إلى تمرد



في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية ترددت وملت في البداية إلي مرسي ثم انتهيت إلي المقاطعة يأسا من تبني جماعة الإخوان منطقا اعتذاريا عن مواقف انتهازية مع الميدان والثوار حيث كان الحديث لايرتكز علي خلفية أخلاقية سياسية كافية فقد تبنت الجماعة خطابا مزدوجا حسب الحاجة من خطاب ( الشرعية للميدان ) إلي خطاب الشرعية للبرلمان

ولقد تأكدت هواجسي لاحقا إذ تبين أن المنطق الميكيافيلي حاكم لفكر الجماعة السياسي وهو ما أدي إلي ازدواجية الخطاب بشكل فج في كل مناسبة , والأمثلة فوق الحصر من معزوفة القضاء الشامخ إلي معزوفة القضاء الفاسد المسيس ومن الحديث عن الثوار الأحرار إلي نعتهم بالبلطجية وحتي جماعة السادس من أبريل تارة توصف بالعبقرية السياسية وتارة توصف في أدبيات جماعة الاخوان بأنها جماعة ستة إبليس 

تمنيت من القلب بعد فوز مرسي أن يخلف الاخوان سوء ظني بهم لكن تتالي القرارات والاختيارات الكارثية جعلني وجها لوجه أمام الحقيقة عارية وهي أننا أمام نظام حكم مولود بتشوهات خلقية تستحيل معها فرصه في الحياة , لدينا رئيس ظاهر لانعرف حدود تأثيره في اتخاذ القرار ولدينا مراكز قوي تصرح بأكثر مما تلمح بتأثيرها النافذ علي رئيس ساقته الأقدار ليجلس حيث جلس فلاهو رجل جماعته القوي ولا كان مرشحها الأصلي لمقعد الرئاسة

بدأ الخطاب الرئاسي مرتبكا مضطربا متلعثما , وراح الرئيس طوال الوقت يتصرف بهاجس من يريد أن يقنع نفسه قبل غيره أنه رئيس الدولة , وتحول خطاب الجالس علي كرسي رمسيس الثاني وعبد الناصر إلي مادة سخرية شعبية تعكس شعورا هائلا بالمرارة والصدمة عند الجموع ففي بلد بدأت فيه الدولة المركزية بالفرعون الإله يصعب أن يسيغ أحفادهم تحول حاكمهم إلي هذه الصورة المحزنة مماجعل الضحك دائما بطعم البكاء

كان هناك ومن اليوم الأول أمران لافتان هما خلل في النوايا أدي الي خلل أشد في الكفاءات , وبدا أن سوء الاختيار سياسة ممنهجة بدءا من رئيس مجلس الوزراء إلي رئيس مجلس الشوري ( صهر الرئيس ) إلي الكثيرمن الوزراء إلي الكثير من المحافظين وانتهاء بعض صغار الاداريين وهو ما أضاف إلي نار الغضب الشعبي والسخط جراء سياسات الفشل الذريع مزيدا من الزيت

وعلي سبيل المثال تأمل معي موقف وزير الري من أزمة سد النهضة الأثيوبي وأخبرني إن ظفرت منه بموقف واضح حول السؤال البديهي عن الضرر الواقع علي مصر جراء إقامة السد لأنك تسمع القول ثم نقيضه في نفس الحديث, وتأمل معي موقف وزير الثقافة مع القامات الثقافية وهو يتبني منطقا صغيرا أسلوبا وغاية فيتكلم عن قضايا الثقافة والمثقفين بمنطق يليق بمقاول أنفار مبتديء لا منطق الجالس علي كرسي ثروت عكاشة

كانت الاختيارات نكبة حقيقية , وكانت بعض القرارات من قبيل البلطجة السياسية , ولقد ذهلت ولازلت من قرار الرئيس إعادة مجلس الشعب ‘لي الانعقاد بعد صدور حكم من أرقي ثالث محكمة دستورية في العالم ببطلان النص القانوني الذي تمت علي أساسه انتخابات اختيار بعض الأعضاء , وهو حكم أدي – لاحقا – إلي حصار أنصار الرئيس للمحكمة الدستورية في جريمة وعار أبدي علي جبين الفاعلين ومن وراءهم

لقد دفعت العجلة في جني الغنائم بعد مااعتبرته الجماعة الفتح الثاني لمصر إلي تبني منطق أعوج هو جني الفوائد مقدما علي أرباح لم تتحقق , وحتي بعد أن أنتجت السياسات خسائر فادحة ظل مسلسل اقتطاع الربح قائما علي قدم وساق

ولقد تحول منطق تعجل الغنائم إلي حرب حقيقية علي جميع مؤسسات البلد من الجيش الذي جري تعمد الإساءة إلي صورته خارجيا وداخليا إلي الشرطة الفاسدة إلي الاعلام الفاسد إلي القضاء الفاسد إلي المثقفين المتهمين أيضا بالفساد حتي وصلت حرب الغنائم إلي الأزهر الشريف بينما القصد الحقيقي هو أخونة كل مؤسسات الدولة للسيطرة علي مفاصلها وليكن بعد ذلك مايكون من الخراب آجله وعاجله

إن من مضحكات مصر المبكيات أن الجماعة التي تتهم الجميع بالفساد وتدعي العمل تحت راية الاسلام مارست قدرا هائلا من الكذب السياسي العلني مستخفة بعقول المصريين , وانتهت الوعود والأحلام العظيمة التي روجت لها من استشهاد ملايين لتحرير القدس إلي مشروع النهضة الذي درسه ألف عالم علي مستوي العالم إلي مائتي مليار دولار جاهزة للتنمية , انتهت الأحلام إلي كابوس حقيقي وعجز كامل من غياب الأمن إلي نقص حاد في الوقود إلي انقطاع الكهرباء إلي موالاة كاملة لإسرائيل دفع أمريكا إلي التشبث بالنظام الحالي بصورة لافته , ولعل أكبر تجسيد للفشل هو تلال القمامة التي صارت معلما في كل مكان يستدل بها التائه في الطريق فيقال له خذ يمينا مع أول تل للقمامة ثم استدر يسارا بعد تل القمامة الثاني

No comments:

Post a Comment